- ashurمدير موقع مفارقات
- عدد المساهمات : 413
لِأَنَّي مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي...
الثلاثاء أكتوبر 31, 2017 7:35 pm
لِأَنَّي مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي...
هَلْ سَمِعْتَ عَنْ رَئِيسِ آلدَّوْلَةِ آلَّذِي شُغِلَ مَنْصِبُ وَزِيرِ آلدَّفَاعِ بِآلْإِضَافَةِ إِلَى مَنْصِبَهُ كَرَئِيسٍ لِلدَّوْلَةِ؟ … هَذَا آلرَّجُلُ كَانَ عَنْدَمَا يَجْتَمِعُ وُزَرَاءُ آلدَّفَاعِ آلْعَرَب فِي إِجْتِمَاعٍ مَا، كَانَ كُلُّ رُؤَسَاءِ آلدُّوَلِ يُرْسِلُونَ وُزَرَاءَ دِفَاعِهُمْ كَمُمَثَّلِينَ لِلدَّوْلَةِ. بَيْنَمَا كَانَ رَئِيسُ آلدَّوْلَةِ يُرْسِلُ نَفْسُهُ مُمَثَّلاً عَنِ آلدَّوْلَةِ كَوَزِيرٍ لِلدَّفَاعِ، فَهُوَ يَحْضُرَ آلْمُؤْتَمَرُ مَبْعُوثًا عَنْ رَئِيسِ آلْجَمْهُورِيَّةِ وَمُمَثَّلاً عَنِ آلْجَمْهُورِيَّةِ آلَّتِي يَنْتَمِي إِلَيهَا، وَبِهَذَا يَكُونُ هَذَا آلرَّجُلُ قَدْ أُرْسِلَ نَفْسُهُ، وَآلرَّاسِلُ هُنَا هُوَ آلْمُرْسَلُ. وَهَذِهِ آلْبِدَايَةُ لِلتَّوْضِيحِ فَقَطُّ: وَآللهُ آلْقَاضِي آلْعَادِلِ، كَمَا يَقُولُ آلْكِتَابُ فِي (1تِي4:2) هُوَ نَفْسُهُ آلَّذِي " يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ."، لِذَلِكَ أُرْسِلُ آلدَّيَّانَ آلْعَادِلَ آلْمُخَلِصَ لِكَيْ يَسُدُ آلْقَصَاصُ عَنِ آلنَّاسِ، وَهُنَا نَرَى آلْمُرْسَلُ وَآلْمُرْسَلُ مِنْهُ شَخْصًا وَاحِدًا بِإِخْتِلاَفِ آلْمُهِمَّاتِ. لِذَلِكَ آلتَّسْلِيمُ أَنَّ آلرَّاسِلَ –دَائِمًا – غَيْرَ آلْمُرْسَلِ، فَآلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ هُوَ آللهُ بِسَبَبِ جَوْهَرِهِ آلْإِلَهِيِ أَنَّهُ وَاحِدٌ مَعَ آلْآبِ فِي آلْجَوْهَرِ، وَهُوَ إِبْنُ آللهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ كَلِمَةُ آللهِ آلْمَوْلُودَ مِنَ آلْآبِ قَبْلَ كُلَّ آلدُّهُورَ. آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ هُوَ إِلَهٌ مُتَجَسَّدٌ، وَلَيْسَ إِنْسَانًا مُتَأَلِهًا. آلْمَسِيحُ لَيْسَ إِنْسَانٌ ثُمَّ أَصْبَحَ إِلَهٌ، وَنَرْفِضُ تَمَامًا أَنَّ أَيُّ إِنْسَانٍ يَصِيرُ إِلَهًا. لِذَلِكَ نَقُولُ نُؤْمِنُ بِرَّبٍ وَاحِدٍ يَسُوعِ آلْمَسِيحُ إِبْنُ آللهِ آلْوَحِيدِ آلْمَوْلُودِ مِنَ آلْآبِ قَبْلَ كُلَّ آلدُّهُورَ (أَيْ قَبْلَ خَلْقَ آلْعَالَمُ وَآلْمَلاَئِكَةَ وَآلْبَشَرَ. فَكَلِمَةَ آللهِ مَوْلُودٌ مِنَ آلْآبِ.). (نُورٌ مِنْ نُورٍ، إِلَهٌ حَقٌ مِنْ إِلَهٍ حَقًّ، مَوْلُودٌ غَيْرَ مَخْلُوقٍ، مُسَاوِي لِلْآبِ فِي آلْجَوْهَرِ).
تَكَلّمَ آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ فِي حِوَارٍ مَعَ آلْيَهُودِ كَمَا يَقُولُ آلْكِتَابُ فِي (إِنْجِيلُ يُو29:28:7) (فَنَادَى يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلَّمُ فِي آلْهَيْكَلِ قَائِلاً: «تَعْرِفُونَنِي وَتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا، وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ آلَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ، آلَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. أَنَا أَعْرِفُهُ لِأَنَّي مِنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي».).
قَالَ آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ ذَلِكَ رَدًا عَلَى كَلاَمِ آلْيَهُودِ عَنْهُ كَمَا فِي (إِنْجِيلُ يُو27:7) " هَذَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَأَمَّا آلْمَسِيحُ فَمَتَى جَاءَ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَيْنَ هُوَ».". لَمْ يَفْهَمُوا أَنَّ آلسَّيَّدَ آلْمَسِيحَ قَدْ جَاءَ مِنَ آلسَّمَاءِ وَتَجَسَدَ مِنَ آلسَّيَّدَةِ آلْعَذْرَاءَ بِدُونِ زَرْعِ بَشَرِ، بَلْ اِعْتَقَدُوا أَنَّهُ كَانَ إِبْنًا طَبِيعِيًا لِلْقِدَّيسِ يُوسُفَ وَلِلْعَذْرَاءِ مَرْيَمَ. وَبِذَلِكَ اِعْتَبَرُوا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ هُوَ. وَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُمْ غَيْرَ سَلِيمَةٍ. لِأَنَّ سِرَّ آلتَّجَسُّدِ آلْإِلِهيَّ كَانَ مَخْفِيًا عَنْ عُقُولِ آلْأَشْرَارِ.
لَكِنَّ آلسَّيَّدَ آلْمَسِيحَ بِآلرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَقْتُهَا صَرَاحَةً عَنِ آلْمِيلاَدِ آلْعَذْرَاوِيِ، إِلاَّ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى وِلاَدَتِهِ مِنَ آلْآبِ قَبْلَ كُلَّ آلدُّهُورَ وَإِلَى إِرْسَالِ آلْآبِ لَهُ إِلَى آلْعَالَمِ أَيْ تَجَسُّدِهِ فِي مِلْءِ آلزَّمَانِ.
وَقَدْ لُخِصَّ آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ آلْحَقَائِقُ آلْمُخْتَصَّةُ بِمِيلاَدِهِ حَسْبَ لاَهُوتِهِ مِنَ آلْآبِ قَبْلَ كُلَّ آلدُّهُورَ، وَوِلاَدَتُهُ مِنَ آلْعَذْرَاءِ مَرْيَمَ بِحَسْبَ نَاسُوتِهِ فِي مِلْءِ آلزَّمَانِ بِقَولَهُ عَنْ عَلاَّقَتِهِ بِآلْآبِ آلسَّمَاوِيَّ كَمَا فِي (إِنْجِيلُ يُو29:7) " لِأَنَّي مِنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي».".
إِنَّهَا عِبَارَةٌ قَصِيرَةٌ مُكَوَّنَةٌ مِنْ شَطْرَيْنِ أَقْصَرُ مِنْهَا. وَلَكِنَّهَا تَحْمِلُ حَقَائِقَ عَقَائِدِيَةٍ فِي مُنْتَهَى آلْقُوَّةِ وَآلْأَهَمِيَّةِ.
آلشَّطْرُ آلْأَوَّلَ مِنَ آلْعِبَارَةِ " لِأَنَّي مِنْهُ " تُشِيرُ إِلَى وِلاَدَةِ آلْأَبْنُ آلْوَحِيدِ مِنَ آلْآبِ بِنَفْسُ جَوْهَرُ آلْآبِ. وَهَذَا هُوَ آلْمِيلاَدُ آلْأَوَّلَ لِلْأَبْنُ آلْكَلِمَةِ.
وَآلشَّطْرُ آلثَّانِي مِنَ آلْعِبَارَةِ " وَهُوَ أَرْسَلَنِي " تُشِيرُ إِلَى إِرْسَالِهِ مِنْ قِبَلِ آلْآبِ إِلَى آلْعَالَمِ لِيَتَجَسَّدُ مِنَ آلْعَذْرَاءِ مَرْيَمَ. وَهَذَا هُوَ آلْمِيلاَدُ آلثَّانِي لِلْأَبْنُ آلْكَلِمَةِ.
لِأَنَّي مِنْهُ
جَمِيلٌ جِدًا أَنْ يَقُولُ آلْأَبْنُ عَنْ نَفْسُهُ أَنَّهُ مِنَ آلْآبِ. أَيْ أَنَّ لَهُ نَفْسُ طَبِيعَةُ آلْآبِ وَجَوْهَرَهُ.
مِثَالٌ: فَإِنَّ آلْعَقْلَ آلذَّكِيَّ يَلِدُ فِكْرًا ذَكِيًا، وَآلْعَقْلُ آلْقَوِىُّ يَلِدُ فِكْرًا قَوِيًا، وَآلْعَقْلُ آلْحَكِيمُ يَلِدُ فِكْرًا حَكِيمًا، وَآلْعَقْلُ آلْمُقَدَّسُ يَلِدُ فِكْرًا مُقَدَّسًا. أَيْ أَنَّ آلْعَقْلَ يَلِدُ فِكْرًا لَهُ نَفْسُ جَوْهَرُ آلْعَقْلِ، أَيْ أَنَّ جَوْهَرَهُمَا وَاحِدٍ. وَآلْعَقْلُ يَلِدُ آلْفِكْرُ فِي دَاخِلِهِ دُونَ أَنْ يَنْفَصِلُ مِنْهُ، وَإِنْ خَرَجَ آلْفِكْرُ مَنْطُوقًا بِهِ كَكَلِمَةٍ فَإِنَّهُ أَيْضًا لاَ يَنْفَصِلُ مِنَ آلْعَقْلِ بَلْ هُوَ كَائِنٌ فِيهِ عَلَى آلدَّوَامِ.
وَفِى حِوَارُ آلسَّيَّدِ آلْمَسِيحِ مَعَ آلْيَهُودِ آلَّذِينَ قَالُوا إِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ هُوَ، اِسْتَنْكَرَ هُوَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَصْدَرَهُ هُوَ آلْآبُ، وَلَمْ يَكُنْ آلْيَهُودُ يَفْهَمُونَ ذَلِكَ. وَرَدَّ آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ عَلَى كَلاَمِهُمْ بِقَولِهِ إِنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ آلْآبَ، أَمَّا هُوَ فَيَعْرُفُهُ بِآلتَّأْكِيدِ لِأَنَّهُ مِنْهُ كَمَا يَقُولُ آلْكِتَابُ فِي (إِنْجِيلُ يُو55:8) " وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا فَأَعْرِفُهُ.".
وَنَفْسُ آلشَّيْءَ قَالَهُ مُعَلَّمُنَا بُولُسَ آلرَّسُولِ عَنِ آلرُّوحُ آلْقُدُسُ كَمَا فِي (1كُو10:2) " لِأَنَّ آلرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ آللهِ.".
فَآلْأَبْنُ لِأَنَّهُ مِنَ آلْآبِ بِآلْوِلاَدَةِ، فَهُوَ يَعْرِفَ آلْآبُ مَعْرِفَةٌ كَامِلَةٌ مُطْلَقَةٌ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ. وَكَذَلِكَ آلرُّوحُ آلْقُدُسُ لِأَنَّهُ مِنَ آلْآبِ بِآلْإِنْبِثَاقِ، فَهُوَ يَعْرِفَ آلْآبُ مَعْرِفَةٌ كَامِلَةٌ مُطْلَقَةٌ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ.
وَاِقْتِرَانُ كَلاَمِ آلسَّيَّدِ آلْمَسِيحِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ لِلْآبِ مَعَ قَوْلِهِ عَنْ وِلاَدَتِهِ مِنَ آلْآبِ " لِأَنَّي مِنْهُ "، يُؤَكَّدُ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ فِي هَذَا آلشَّطْرِ مِنَ آلْعِبَارَةِ عَنِ آلْعَلاَّقَةِ آلْفَائِقَةِ آلَّتِي تَرْبِطَ آلْأَبْنَ بِآلْآبِ فِي آلْجَوْهَرِ آلْإِلَهِيَّ آلْوَاحِدِ، أَيْ عَنْ أَنَّ آلْأَبْنَ مَوْلُودٌ مِنَ آلْآبِ بِنَفْسُ جَوْهَرَهُ وَطَبِيعَتَهُ.
وَهُوَ أَرْسَلَنِي
يَقُولُ مُعَلَّمُنَا بُولُسَ آلرَّسُولِ كَمَا فِي (غَلَ5:4:4) " لَمَّا جَاءَ مِلْءُ آلزَّمَانِ، أَرْسَلَ آللهُ آبْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ آمْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ آلنَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ آلَّذِينَ تَحْتَ آلنَّامُوسِ،".
فَعِبَارَةُ آلسَّيَّدِ آلْمَسِيحِ " وَهُوَ أَرْسَلَنِي " تُشِيرُ إِلَى إِرْسَالِ آلْأَبْنُ آلْوَحِيدِ إِلَى آلْعَالَمِ مَوْلُودًا مِنِ آمْرَأَةٍ، لِيَفْتَدِيَ آلْعَالَمُ مِنْ لَعْنَةِ آلْخَطِيَّةِ.
وَقَدْ كَرَّرَ آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ كَثِيرًا فِي آلْأَنَاجِيلِ، وَبِخَاصَّةٍ مَا سَجَلَّهُ آلْقِدَّيسُ يُوحَنَّا فِي إِنْجِيلِهِ، أَنَّ آلْآبَ قَدْ أَرْسَلَهُ إِلَى آلْعَالَمِ. وَتَكَرَّرَ ذِكْرُ هَذِهِ آلْحَقِيقَةِ عَشَرَاتُ آلْمَرَّاتِ.
وَكَمِثَالٍ لِذَلِكَ نَرَى آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ يَذْكُرُ إِرْسَالُ آلْآبِ لَهُ عِدَّةُ مَرَّاتٍ فِي آلْإِصْحَاحُ آلثَّامِنُ مِنْ إِنْجِيلِ مُعَلَّمُنَا يُوحَنَّا كَمَا يَلِي: (إِنْجِيلُ يُو16:8) " أَنَا وَآلْآبُ آلَّذِي أَرْسَلَنِي."، (إِنْجِيلُ يُو18:8) " وَيَشْهَدُ لِي آلْآبُ آلَّذِي أَرْسَلَنِي»."، (إِنْجِيلُ يُو26:8) " لَكِنَّ آلَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ."، (إِنْجِيلُ يُو29:8) " وَآلَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي،"، (إِنْجِيلُ يُو42:8) " لِأَنَّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي.".
إِنَّ تَأْكِيدَ آلسَّيَّدِ آلْمَسِيحِ عَلَى إِرْسَالِ آلْآبِ لَهُ يَحْمِلُ مِنْ جَانِبِ: تَمْجِيدًا لِلْآبِ آلسَّمَاوِيَّ، بِمَعْنَّى أَنَّ كُلُّ مَا يَفْعَلُهُ آلْأَبْنَ مِنْ أَجْلِ خَلاَصُ آلْعَالَمِ هُوَ بِتَدْبِيرٍ مِنَ آلْآبِ وَآلْأَبْنِ وَآلرَّوحِ آلْقُدُسِ، مَثَلاً نَقُولُ فِي آلتَّسْبِحَةِ (لِأَنَّهُ بِإِرَادَتِهِ وَمَسَرَّةُ أَبِيهِ وَآلرَّوحِ آلْقُدُسِ أَتَّى وَخَلَّصَنَا). لِذَلِكَ كَانَ آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ دَائِمًا يُؤَكَّدُ أَنَّهُ لاَ يَعْمَلْ وَحْدُهُ بَلْ يَعْمَلُ هُوَ وَآلْآبُ آلَّذِي أَرْسَلَهُ. فَعَمَلُ آلثَّالُوثِ هُوَ وَاحِدٌ بِآلرَّغْمِ مِنْ تَمَايُزِ دَورِ كُلُّ أَقْنُومٍ فِي آلْعَمَلِ آلْوَاحِدِ.
وَيَحْمِلُ مِنْ آلْجَانِبِ آلْآخَرِ: إِبْرَازًا لِحَقِيقَةِ صِدْقِ إِرْسَالِيَّتِهِ وَاِرْتِبَاطَهَا بِآلْآبُ آلسَّمَاوِيُّ وَذَلِكَ بِشَهَادَةِ آلْآبِ لَهُ.
وَحِينَمَا تَكَلَّمَ آلسَّيَّدُ آلْمَسِيحُ مَعَ نِيقُودِيمُوسُ عَنْ صَلْبِهِ مِنْ أَجْلِ خَلاَصُ آلْعَالَمِ قَالَ لَهُ كَمَا فِي (إِنْجِيلُ يُو16:3) (لِأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ آللهُ آلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ آبْنَهُ آلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ آلْحَيَاةُ آلْأَبَدِيَّةُ.).
إِنَّ آلصَّلِيبَ لَيْسَ فَقَطُّ تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّةِ آلْمَسِيحِ لَنَا بِإِعْتِبَارِهِ إِبْنُ آللهِ آلْوَحِيدِ، بَلْ هُوَ أَيْضًا تَأْكِيدًا عَلَى مَحَبَّةِ آلْآبِ لَنَا.
إِنَّ آلْمَحَبَّةَ آلصَّادِرَةَ مِنَ آلثَّالُوثِ هِيَ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَمَا وَصَفَهَا آلْآبَاءَ آلْقِدَّيسُونَ هِيَ (مِنَ آلْآبِ بِآلْأَبْنِ فِي آلرُّوحُ آلْقُدُسُ). فَآلْأَقَانِيمُ آلثَّلاَثَةُ يُحِبُّونَنَا بِنَفْسُ آلْمِقْدَارِ وَبِنَفْسُ آلْقُوَّةِ.
وَقَدْ ذَكَرَ آلْقِدَّيسُ إِشَعْيَاءَ آلنَّبِيَّ إِشْتِرَاكَ آلرُّوحُ آلْقُدُسُ فِي إِرْسَالِيَّةِ آلْأَبْنُ آلْوَحِيدُ إِذْ سَجَلُّ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ آلسَّيَّدِ آلْمَسِيحِ كَمَا فِي (إِشَ16:48) " مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ «وَآلْآنَ آلسَّيَّدُ آلرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ.) (بِضَمَّ آلْحَاءِ). فَآلرُّوحُ آلْقُدُسُ وَرَدَ فِي هَذَا آلنَّصُّ فِي صِيغَةِ آلْفَاعِلِ وَلَيْسَ آلْمَفْعُولُ بِهِ، أَيْ هُوَ وَآلْآبَ قَدْ أَرْسَلاَ آلْأَبْنُ إِلَى آلْعَالَمِ.
مَا أَعْظَمُ هَذِهِ آلْإِرْسَالِيَّةِ آلَّتِي جَعَلَتنَا نَتَمَتَّعُ بِظُهُورِ آللهِ آلْكَلِمَةِ فِي آلْجَسَدِ. وَمَا أَرْوَعُ هَذَا آلتَّدْبِيرَ آلْإِلَهِيَّ آلَّذِي جَعَلَنَا نَنْعَمُ بِحُضُورِ آللهِ مَعَنَا تَحْقِيقًا لِنُبُوَّةِ إِشَعْيَاءَ آلنَّبِيَّ كَمَا يَقُولُ آلْكِتَابُ فِي (إِنْجِيلُ مَتَّ23:1) («هُوَذَا آلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ آبْنًا، وَيَدْعُونَ آسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» آلَّذِي تَفْسِيرُهُ: آللهُ مَعَنَا.)، وَأَيْضًا فِي (إِشَ14:7).
لَمْ تَعُدْ عِبَارَةَ " آللهُ مَعَنَا " هِيَ عَلَى سَبِيلِ آلتَّمَنِيَّ أَوْ آلْإِحْسَاسَ فَقَطُّ بِمَعُونَةِ آللهِ، وَلَكِنَّهَا تَحَوَّلَتْ إِلَى حَقِيقَةٍ تَلاَمَسَتْ مَعَهَا آلْبَشَرِيَّةَ فَأَمْسَكَتْ بِآلْحَيَاةِ آلْأَبَدِيَّةِ. وَهَذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ آلْقِدَّيسُ يُوحَنَّا آلرَّسُولِ كَمَا في (1يُو2:1) (آلَّذِي كَانَ مِنَ آلْبَدْءِ، آلَّذِي سَمِعْنَاهُ، آلَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، آلَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ آلْحَيَاةِ. فَإِنَّ آلْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِآلْحَيَاةِ آلْأَبَدِيَّةِ آلَّتِي كَانَتْ عِنْدَ آلْآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.) ...
+آمِينَ+
***
م
م
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى